التعددية في الحج من منظور عالم وراثة

لقد تشرفت بأداء فريضة الحج هذا العام. كنت قد زرت مكة المكرمة سابقًا في عام 1984 عندما كنت طالبًا في السنة الرابعة بكلية الطب، وكان عدد الحجاج آنذاك لا يتجاوز 200,000 حاج. أما في عام 2024، فقد بلغ عدد الحجاج 2 مليون حاج. شاهدت تنوعًا بشريًا مذهلاً، حيث قدم الحجاج من آسيا والهند والشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية. كان من الممكن تمييز أصولهم من خلال الأعلام أو المعلومات المدونة على حقائبهم. بين الحجاج الأوروبيين، استطعت تمييز اللغة الفرنسية، مما أعاد إلى ذهني الآيات الكريمة من القرآن الكريم:
“وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ”
(الروم 30:22)
“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ”
(فاطر 35:27)
“وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ”
(فاطر 35:28)
من منظور عالم وراثة، لاحظت عدة حالات طبية لم أكن ألاحظها من قبل عندما كنت شابًا، مثل تعظم الدروز الباكر (craniosynostosis). كما التقيت بسيدة تعاني من خلل في نمو الهيكل العظمي، وقدمتها لي إحدى المعارف المشتركة. وعندما علمت بخلفيتي الطبية، شاركتني تاريخها المرضي، موضحة أنها تعاني أيضًا من تليف الكبد. لم تخضع حتى الآن لاختبارات وراثية، وهو ما سنقوم به بمجرد عودتنا إلى الوطن.
في الختام، يعد موسم الحج شهادة حيّة على التنوع البشري كواحد من آيات الله، حيث يبرز كيف يمكن للوحدة الإنسانية أن تزدهر وسط هذا التنوع، متجاوزة حواجز اللغة والعرق في جو من العبادة والأخوة.
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”
(الحجرات 49:13)